يدخل إلى منزله عائدا من الشركة التي أفنى فيها أغلب سنوات عمره السابقة. كانت تلك المرة الأخيرة له التي يذهب فيها إلى تلك الشركة؛ حيث عاد لتوه من احتفال أقامه له زملائه بمناسبة وصوله إلى سن التقاعد. توجه إلى غرفته وخلع رداء العمل. مر بعدها على غرفة ولده ليطمئن عليه كعادته كل يوم حين يعود من العمل. طرق الباب ودخل ليجد رداءا” ملقا على السرير وولده مستلق إلى جواره متكأ على وسادته ينظر إلى الرداء نظرة متفحصة. كان الرداء باهيا زاهيا منمقا. جاءت النظرة التالية للرداء نظرة مشتركة بين الأب والأبن تحمل نفس المعنى. لقد نظر كل منهما إلى الرداء نظرة تفكير لا تخلو من التأمل. قطع ذلك التأمل حركة الأب وجلوسه إلى جانب ولده على السرير. ربت على كتفه وخاطبه قائلا: هل سوف تتغير بعد أن ترتدي هذا الرداء؟ ماذا لو أصابك داء الرداء كما أصاب بعض من سبقك إلى ارتدائه؟. عليك أن تبذل قصارى جهدك لتحافظ على نقاء ردائك. لا تسمح لجمال الرداء و بهائه أن يسرقك من تحمل المسئولية، كامل المسئولية. مهما التف حولك من منافقين فور ارتدائك ذلك الرداء وبعدها، لا تستمع لهم. اصنع لنفسك طبقة عازلة تمنعك من الانسياق خلفهم وإياك أن تأمن لهم أو تصدقهم. أنت ولدي الذي أعرفه تمام المعرفة وأنا على ثقة من حدسك الذي سوف يمكنك من ادراك نفاقهم. إن كتب الله عليك ارتداء ذلك الرداء فأحرص على أن تظل أنت من يمتلك الرداء. لا تجعل الرداء يمتلكك أو يسيطر عليك وإلا ساءت العاقبة. اجعل منه وسيلة تحقيق منفعة عامة ، وتجنب الوقوع في شرك أن يصبح وسيلة تحقيق مصلحة شخصية. لا تجعل من الرداء مدخلا لإصابتك بالغرور ، بل اجعل منه سببا ليكون كل من حولك مسرور. وأخيرا عليك أن تتذكر في كل آونة أنه لم يخطر ببالك يوما أن ترتدي ذلك الرداء طمعا أو رغبة في تحقيق منافع شخصية ، وأن تجد في ذلك سببا كافيا للوقاية من الإصابة بداء الرداء. كذلك تذكر أنك ترتديه بناء على انتخابات حرة نزيهة فزت فيها بأغلبية ساحقة فإن وجدت في ذلك مدعاة للسرور فلا تتمادى في السرور حتى لا ينقلب غرورا. عانق الأب ولده وهمس إليه : بني، توجه في رعاية الله لتولى رئاسة اتحاد الطلبة بعد أن ترتدي الرداء. حماك الله من أن تصاب بداء الرداء. حفظك الله و وفقك إلى ما يحبه و يرضاه. أوصاه بذلك وانصرف مطمئن السريرة.